هل جربت أن تضحك من قلبك يوما و انت لوحدك تقرأ نكتة أو مستملحة لكن دون شعور بالذنب؟ و دون أن تتوهم أن كل من يراك سيظنك مخبولا؟
هل جربت أن تتكلم مع نفسك و سط الزحام دون أن تلوم نفسك؟
هل جربت أن تكون عفويا كالأطفال دون أن تلقي بالا لتعليق أو نظرات الآخرين ؟
إن كنت تفعل هذا فأنت تحب نفسك و تفتخر بها .
قليلا ما نتمتع بلحظات العفوية التي تعترينا كالأطفال ، نخجل من أنفسنا من طبيعتنا التي خلقنا الله عليها ، نود أن ندعي الحكمة و النضج زيادة عن اللزوم ، فقد تعرضها للقمع كثيرا في الطفولة من أجل أن نظهر أكثر ذكاء و تعقلا و حكمة ، لكنهم لم يكونوا يعلمون أنهم يقتلون فينا أجمل شيء :البراءة و الصدق ، فأصبحنا نتصنع كل شيء :الشجاعة و الطيبة و القوة ، و لا يعلمون ما يجري بداخلنا من تغيرات تطفئ فينا كل الأصوات ، و تمحو كل الألوان ، تبيد كل أشكال الفرحة و البهجة ، و بعدما كبرنا اشتقنا لكل ذلك و بحثنا عنه طويلا و لم نجده ،فقد انطفأ النور الذي ولد بداخلنا و ولدنا به ، أطفأته يد القسوة و البطش ، يد كانت تعتقد أن القسوة أفضل أنواع التربية و ارقاها حتى ورثناها عنهم و مارسناها بدورنا مع من نحب ، مع تلك الزهور الرقيقة التي تحرقها أرق نسمة و ألطفها ، تباهينا بالصلابة و الصمود ، و لم نكن نعلم أننا بذلك نفقد جزءا من إنسانيتنا اتجاه أنفسنا ، و تجاه الآخرين أيضا ، تقمصنا أدوار الأبطال الذين لا يؤثر فيهم شيء ، في الوقت الذي كنا نسكب فيه الدموع ليلا في صمت و وحدة و لا يعلم بها أحد سوى من خلقنا . و في الوقت الذي يؤلمنا فيه مجرد مشهد طفل يبكي لأنه يذكرنا بذلك الطفل الذي مات بداخلنا و أصبحنا لا نعلم عنه شيئا ، كأنه إبننا الذي فقدناه و لا زلنا نبحث عنه على أمل لقائه يوما ما ....
الكثير من الكوارث ارتكبت بذريعة التربية (القاسية)الصالحة . و لا أحد ينتبه إليها و إلى بشاعتها ، ننام مرتاحي البال و نغط في سبات يزداد فيه حجم الإحساس بالذنب يوما بعد يوم ، خصوصا حينما نتفقد وجوه الطفولة على سطح تلك الصور القديمة التي احتفظنا بها ، كما يحتفظ الجندي بأوسمته البراقة لعله يقدمها مبررا لكل تلك الأرواح التي قتلها و سفكها في سبيل أداء واجبه ، و حينما يغمض عينيه يعترف بينه و بين نفسه أن الكثير من الأمور لم يكن عليه أن يتعامل معها كما فعل.
احلى شيء في الوجود هو التعامل ببراءة ودون تصنع مهما بلغت من العمر ومهما نعتك الاخرون بعدم النضج
ردحذف