.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

كن إنسانا مع نفسك أولا..بقلم د.نجية الشياظمي

و يخيل إلينا يوما ما أننا لن نحتاج لأحد كي يبدد وحدتنا ، ثم يأتي المساء و الصباح و ما بينهما ليخبرونا أننا مهما حاولنا لن نستطيع !!!
لن نستطيع أن نطبطب على أنفسنا بأنفسنا ، و لا أن نربت على كتفنا اليمين بيدنا اليسرى ، و لا أن نمسح دموعنا على خدينا كما نفعل كل مرة ننظر فيها للمرآة و نحن نبحث عن ظل آخر غير ذلك الذي يقابلنا على الزجاج ، فنتذكر أن كل يوم يمضي هو يوم يُختصَر من أعمارنا ، يذهب و لا يعود أبدا ، بحلوه و مره ، بأنسه و وحشته . 
نكتشف هذا و بشدة حينما نتعود على حضور أحدهم ، و فجأة يحين وقت الوداع ، حتى و لو كان وداعا مؤقتا ، نحس بمشاعرنا مبعثرة على جناح الزمن الذي يرفرف بأعلى سرعته ، ليخبرنا أن الوقت كالسيف ، يقطع أجمل اللحظات من أيامنا و يرميها للنسيان ، كأنه ينتقم لنفسه من تجاهلنا له ، فالزمن لا يحب المتجاهلين ، الزمن صديق من يقدره و يحترمه و لا يستهين به ، لكننا حينما نتجاهل أعمارنا و أيامنا و كأننا سنعيش أكثر من مرة ، يخاصمنا الزمن و يقاطعنا ، يقطب جبينه في وجوهنا ، لأننا في نظره لا نقدر نعمة الحياة ، و لا نحترم ذواتنا كما ينبغي . 
الحياة أكبر نعمة وجب تقديرها ، و الكفاح من أجل عيشها كما يريد لنا خالقنا ذلك ، و من يفرط في حق نفسه فهو آثم لا محالة ، مهما أحسن إلى الآخرين ، و مهما أسعدهم ، فحق النفس لا يسقط لأي سبب من الأسباب ، و لا ينوب عنه حق أي أحد آخر مهما كان . ننسى أحيانا أننا جئنا لهذه الحياة لأداء رسالة معينة ، لكننا لا نستطيع أداء أي رسالة في ظل ظلم أنفسنا و إهانتها، لا يمكننا ذلك أبدا ، فقد كرم الخالق النفس و أوجب لها حقوقا لا يمكن الاستهانة بها ، فمن يظلم نفسه لا يمكنه أن يكون عادلا مع غيره ، و من يتسبب في شقاء نفسه لا يمكن أن يسعد غيره مهما حاول . نقطة البداية هي نحن ، كل خير أو شر نقترفه في حق أنفسنا هو البداية لاقترافه مع الآخرين أيضا . هذه حقيقة لا يمكننا الهروب منها ، و لا يمكننا التبرء منها أيضا . 
قد تكون الوحدة مجرد قدر يعيشه الانسان ، لكنها حينما تشكل و تعبر عن اختيار مسبق فهذا يعتبر أشد أنواع الظلم للكائن الذي جُبِل بفطرته على التعايش و الاستئناس بالآخرين . حتى أن إسم إنسان يشمل كلمة أنس ، و الأنس هو ما كان يبحث عنه أب الإنسانية حينما أنعم الله عليه بأنس أمنا حواء .
فرفقا بأنفسنا المرهفة التي نقسو عليها أشد أنواع القسوة فقط لمجرد الرغبة في التعبير عن القوة المزعومة ، القوة الوهمية في حين أن القوة الحقيقية هي عيش الحياة كما صممنا لها الخالق و أبدعنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق