.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

عش لنفسك أولا .. بقلم د. نجية الشياظمي

ما أصعب بل ما أقسى أن يعيش الانسان الوحدة و الانفصال عن ذاته ،  و من يفعل هذا كثر  نراهم يثيرون الشفقة و العطف ، تجدهم يغرقونك بكم هائل من النصائح و التوجيهات التي لا يطبقون منها على أنفسهم و لو حتى ذلك القدر البسيط ، الذي يمكنه أن يحقق لهم و لو قدرا بسيطا أيضا من احترام الذات و النفس . قد يكون أبا ينصح إبنه أو زوجا يوعي زوجته أو أي إنسان آخر يسدي لغيره ما يراه مناسبا في ذلك الموقف أو تلك المناسبة.
فكيف يستطيع الإنسان فعل ذلك بنفسه ، حتما لأنه لا يهتم بتقدير ذاته شخصيا ، المهم أن يكون محط اهتمام و تقدير من الآخرين ، قد نعاني أحيانا من هذا الأمر بطريقة لا واعية فقد تبرمجنا و تربينا على ذلك منذ الصغر ، كنا نسعى دائما لنبهر الآخرين و أولهم آباؤنا و أمهاتنا ، كنا نضحك نلعب نجتهد و نفعل كل ما في استطاعتنا فقط من أجل نيل الثناء و المديح على ما نقوم به ، حتى أن منا من تنازل عن طموحاته و أهدافه الشخصية فقط ليحقق ما كان يراه ضمانا لاستمرار تلك الصورة المبهجة التي كانت تدمع لها عيناه من الفرح ، فليس هناك ما هو أروع من أن تحقق لوالديك الفخر و الاعتزاز الذي ظلا يعلقانه على وجودك في حياتهما ، و فعلا فعلت ، لكنك بعدها اكتشفت ألا روعة أكثر من أن تكون أنت نفسك أولا ،  لا أن تكون نسخة من الآخرين .
كنا صغارا و لا نعلم ذلك ، لكننا حينما كبرنا انكشفت عنا الحجب و ظهرت الحقيقة جلية واضحة للعيان ، و وعينا بما كنا نجهله و رغم ذلك نفعله ،  بل إن هناك من لا يزال يعيش هذا الدور حتى بعد كبره دون أن يعي خطورة الأمر ، الخطورة تتجلى في فقدان المصداقية بين الانسان و نفسه حينما ينسلخ عن كينونته و أحلامه و حياته ليعيش في ظل و كنف و رضى الآخرين حتى حينما يكونون أقرب الناس إلينا.
المصداقية مع أنفسنا أجمل و أرقى ما نملكه ، و تضييعها يكلفنا الكثير ، مصداقيتنا في الكلام في الكتابة و في جميع التعاملات مع الآخرين هذا هو الكنز الحقيقي الذي إذا فقدناه لن نستطيع تعويضه و لا شراءه و لو بأموال العالم كله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق