يزداد موضوع إنجاب الأطفال إرباكاً يوماً بعد يوم لعموم الآباء و الأمهات في الوقت الراهن و في خضم هذا الزمن الصعب و ذلك نظراً إلى فقدان الشيء الكثير من صميم المعتقدات المتعلقة بنوع القيم الأخلاقية و المطامح البشرية و الخصائص المجتمعية المميزة و التي يُحب الجميع أن يجدها في أطفالهم ، و يُعد هذا الافتراض السائد في أنحاء عديدة لأن الواجب الرئيسي للإنسان في هذا العالم هو تأمين أنسب أسباب و متطلبات معيشته الكريمة و كذلك تحقيق معظم رغبات أطفاله باستمرار طيلة سنين طفولتهم ، و في واقع الأمر فإن اهتزاز العديد من أركان المعتقدات الاجتماعية و التربوية و النفسية وصل إلى حد الشك عند البعض في الغاية من حياة الإنسان و طبيعة محطات حياته .
يتلقن الإنسان عدة مفاهيم منذ نعومة أظافره و يتجلى أحد أبرز أهدف حياته في خدمة رفعة بلده بإخلاص و لذلك يسعى معظم الآباء و الأمهات إلى غرس أنبل القيم و المبادئ في نفوس كل أطفالهم ، إضافة إلى تشجيع و تنمية روح التعاون و الاجتهاد و تكريس مقولة الروح السمحاء في الحياة لأنه إدراكاً لتغييرات صميم هذا العصر فلا بد من إنشاء جو أسري مستقر و مفيد بنوع مفترض خاص به ، و يكتسب الأهل مزيداً من الثقة بشأن أساليبهم و أهدافهم في تنشئة و تربية أطفالهم من خلال مجمل التقاليد الاجتماعية و العائلية السائدة كما يلزم إيجاد منهجاً وسطاً يمكن تطبيقه بطريقة معقولة وفق مبدأ مسألة المدى و الدرجة بغية إيضاح الصعوبة التي تُصادف عموم الآباء و الأمهات في رسم الخطوط العامة لأصول السلوك و الطاعة و النظام و الشدة و الرفض لرسم عناصر لوحة تربية أطفالهم .
من المعلوم أن معظم المفاهيم النفسية لا تُحقق شيئاً و لا تُجدي نفعاً ما لم تقترن بمفهوم ما هو صواب و ما هو خطأ بل إنها يمكن أن تُعرقل حُسن تصرف الأهل و تخلق مشاكل جديدة ، و تُشير الدراسات إلى أنه من السهل على الأهل حل مشاكل أبنائهم اليومية كالواجبات المدرسية و الأعمال المنزلية و النظافة و التهذيب و المشاكل الناشبة و ذلك إذا كانت لهم مبادئهم الخاصة التي تُيسر لهم إيجاد حلول لكل المشكلات التي تواجههم بصورة سريعة و سلسة وفق الاتجاه السائد و القائل بأن يعطي الأهل لأبنائهم ما يعطوه لأنفسهم من الأهمية ليكونوا عنصراً مميزاً بصرف النظر عن مكانتهم في المجتمع .
ليس من الإنصاف اعتبار التبني عملاً ظالماً في المجتمع و ذلك لأنه مبعث بسمة و بارقة أمل و مفتاح سعادة لعدد كبير من الأطفال ،
و لعل حسم القرار بالتبني لا ينبغي اتخاذه للأهل إلا إذا كان هنالك حباً حقيقياً للأطفال و شعوراً جاداً بعدم قابلية الحياة بدون أولاد ، فالأطفال سواء أكانوا أبناء إنجاب حقيقيين أو بالتبني يبقون بحاجة عميقة و أبدية للإنتماء إلى أبوين ليشعروا معهم بالأمن و الطمأنينة ، و ليس من الحكمة أن يتم تبني طفلاً منفرداً لأن الإنسان المنفرد يُصبح لا إرادياً متعلقاً بالطفل إلى حد غير طبيعي كما أن الطفل المُتبنى قد لا تبدو عليه السعادة إذا تملكه الخوف من شعوره بأن أبويه بالتبني قد يتخليان عنه في يوم من الأيام ، و من الجدير ذكره بأن بعض المتبنين من الآباء و الأمهات يرتكبون خطأً فادحاً و بالغاً بمحاولة إبقاء أمر التبني سراً و بعضهم الآخر يرتكبون خطأً مماثلاً في الاتجاه المعاكس بمعنى التركيز المبالغ على هذه الحقيقة ، و لا يرتبط موضوع التبني بتقدم عُمر الأهل و لا يتوقف على السنوات الزمنية وحدها و لكنه يتعلق بطرق الحياة و ماهية نهج الاستقرار المعين في العقول ، و في دوامة عواصف الأحاديث و رغم شدة تأثير كلام الناس فمن المهم هضم هذه الفكرة و التأكيد على أنها ستبقى حاجة ملحة على الدوام في أفئدة كل أهل تواقين لكلمة أب أو أم و خير جواب لمن أراد اقتران التأكيد اللفظي بشيء من الرحمة و المحبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق