هذا العالم قاس يا صديقي ، إنه ليس بدرجة اللطف الذي كنا ننتظره منه ، و لا حتى بقدر لطفنا معه . يقسو أحيانا و بشدة حتى بدون أسباب و لا مبررات . نحتاج إلى عالم آخر أكثر رقة و أقل قسوة ، نحتاج إلى الحنان الذي ظل في صدور آبائنا و أمهاتنا ، و احتفظوا به في حناياهم و بخلوا به علينا ظانين بذلك بأنهم كانوا يساهمون في تقويتنا ، لأنهم كانوا يودون منا أن نكون أقوياء بل أقوى منهم أيضا ، لكنهم فعلوا عكس ذلك ، جعلونا أضعف مما كانوا يتخيلون ، فليس هناك ضعف في الانسان أكثر من ضعف قلبه و احتياجه للحب و الحنان ، تركونا لهذا العالم القاسي نشكو ضعف قلوبنا و قلة حيلتنا ، و لا زلنا نتساءل إن كان ذلك من افتقارهم أم من عجزهم عن إعطائنا المزيد ، أم أنهم حقا اعتقدوا أنهم حينما يغدقون علينا بعواطفهم سيكون ذلك سبب دلالنا و فسادنا في نفس الوقت . لكننا الآن اكتشفنا العكس ، لعنة الله على ذلك المذهب الذي تبنوه _مذهب القسوة و الشح العاطفي _ لقد جعلونا موالين له ، عن غير قصد ، و كيف لا و قد تجذرت كل تفاصيل تربيتهم لنا في عقولنا الباطنية ، و في عقولنا اللاواعية حتى مارسنا كل شيء تعلمناه على أيديهم من خلال ممارستهم له معنا ، مارسناه بكل صدق و وفاء و قسوة ، و يا ليتنا ما مارسناه و لا تعلمناه و لا حتى عرفناه . ربما نحتاج إلى الخروج عن هذا المذهب اللاإلاهي و الجحود و الكفر به ، فكل شيء من الله حب و رمز للحب و دعوة للحب . فكيف تصبح القسوة مدعاة للقوة و هي الضعف بعينه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق