في كل مرة تعود فيها إلى نفسك ، تجد فراغات قد استولت على تلك المساحة الضيقة التي كانت بينكما ، تجد تفاصيل ذاتك قد اختلفت فتتساءل عما يجري ؟
ربما غيابك عنك جعل غربة تستعمر المكان ، انحزت إلى غيرك و نسيت أنك أنت ، فبدت نفسك غريبة عنك ، و كأنها أحست بجفائك لها حينما واليت غيرها ، جربت البعد والنسيان ، وتعودت عليه ، وحينما حاولت العودة كان عليك أن تنشط كل تلك التفاصيل التي تركتها للنسيان ، تفاصيل بسيطة لكنها قوية كلمات كنت تكتبها بينك وبين خفقات قلبك ، تذكِّرها و تذكر نفسك : أن اليوم الذي تعيشه بدون فكرة جديدة ، يوم ميت لا حياة فيه ، وقت ضائع لا جدوى منه.
اليوم الذي لا ترسم فيه خطوات جديدة حتى و لو على ورقة بيضاء بين يديك ، يبقى يوما منسيا ، لا ذكرى له و لا اسم !!!
اليوم الذي لا تنتشل فيه نفسك من ضياع نفسك كي تخرجها إلى النور و إلى الشمس ، يبقى يوما مظلما هواءه خانق ، اليوم الذي لا تتأمل فيه لون السماء ، و شكل أوراق تلك الشجرة التي تمعن فيها نظرك كل صباح ، لكنك لا تكتشف أي فرق بين البارحة و اليوم ، يوم يحسب عليك لا لك .
هكذا نجد أنفسنا غرباء عنا حينما نغيب ، و نمارس القطيعة .
حينما نتأخر في البحث عنا و العودة إلينا . حينما نعتقد أن روحا شبيهة ستتسلل كي تصافح أرواحنا ، لكننا نصدم ، حينما ندرك أن أرواحنا تبحث عن شبيهتها لكن ليس ببعدنا عنها ، بل بالقرب و التقرب و البحث عنها ، و عن تفاصيلها الجميلة ، حيث تضع رأسك على صدرك فتسمع كلمات تهمس لك ، تفهمها حتى دون أدنى عناء و لا بحث عن المفهوم منها و المقصود ، تجد نفسك هناك بين أضلع ليست أضلعك ، أنفاس ليست أنفاسك لكنك تعرفها .
حين ذاك تهمس في هدوء:ابتعدت عني لكنني لم أنساني. وحين اقتربت من جديد وجدت السكينة والهدوء لأنني وجدت نفسي . وجدتني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق