نزهة صفي تكتب: رسالة الى الشباب المغربي بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة

تحتفل المملكة المغربية في السادس من نوفمبر من كل عام بذكرى المسيرة الخضراء ، وهو حدث تاريخي بارز يعكس روح الوحدة الوطنية والتضامن بين الشعب المغربي. ففي عام 1975 انطلقت هذه المسيرة السلمية التي قادها الملك الراحل الحسن الثاني ، والتي كانت تهدف إلى استرجاع الصحراء المغربية التي كانت تحت الاستعمار الإسباني.حيث شهدت فترة السبعينات من القرن الماضي توتراً في العلاقات بين المغرب وإسبانيا بسبب النزاع على الصحراء المغربية.  وقد قرر المغرب اتخاذ خطوة جريئة من خلال تنظيم مسيرة تتكون من حوالي 350,000 مواطن مغربي توجهوا نحو الصحراء في يوم تاريخي سيظل راسخاً في الذاكرة. وقد كانت المسيرة تهدف إلى التأكيد على حقوق المغرب في أراضيه التاريخية، وإظهار دعم الشعب المغربي لوحدة أراضيه. كما كانت دعوة سلمية لإسبانيا للانسحاب من المناطق المحتلة، مما جعلها رمزاً للسلام والتضامن.

وفي هذه المناسبة الجليلة المتفردة أخاطب شباب المملكة المغربية بعد خمسين عاما مرّت على المسيرة الخضراء المظفرة ، خمسون عاما من الفخر والعزة ، من الإصرار على الوحدة ، ومن التشبث بالهوية والوطن.
هذا يوم يرفع فيه كل مواطن رأسه شموخا وفخرا بما تحقق على أرض وطنه المعطاء ، ففي كل ذكرى من هذه المسيرة المجيدة ، 
نقف بإجلال أمام تضحيات جيل آمن بالوطن ، واستجاب لنداء الملك والوطن بقلوب مؤمنةٍ صادقة.

إن روح المسيرة الخضراء لم تكن حدثا عابرا في تاريخنا ، بل كانت مدرسة في الوطنية، والإيمان بالوحدة والسيادة.
واليوم أنتم ، أنتم من يحمل مشعلها في ميادين جديدة ، ميادين العلم والمعرفة ، والإبداع والعمل ، والمسؤولية والمواطنة الصادقة.

أحبوا وطنكم كما أحبه أجدادكم ، ودافعوا عنه بالعلم لا بالجهل ، بالعمل لا بالكلام ، وبالإخلاص لا بالادعاء ؛ فحب الوطن ليس شعارا نردد ه، بل هو سلوك نعيشه، ووفاء نحمله في قلوبنا أينما كنا. حب الوطن سلوك وافعال يجب ان نقوم بها لنثبت انتماءنا وولاؤنا الحقيقي الذي نعبر عنه بالتضحية والفداء بالنفس والمال والولد.

الوطن هو العزة ، والكرامة ، ونبض القلب. فالإنسان لا شيء بلا وطنه ، فهو المأوى الذي يلجأ إليه الإنسان ، وهو الحضن الذي يجمع شعبه وأبناؤه ، الوطن نعمة عظيمة وهبها إيانا الله تعالى ، فعلينا الحفاظ عليه والدفاع عنه والعمل على تقدمه ورقيه ؛ لأن الوطن يرقى ويتقدم بسواعد أبنائه المحبين ، فكل منا يمتلك مهارات أو خبرات تمكنه من العمل على رقي الوطن ، فلنحرص على تقدم وطننا. فكونوا درعا منيعا لوحدة المغرب ، وصوتا قويا في وجه كل من يحاول المس بسيادته ، أو يشكك في تاريخه المجيد.

أيها الشباب الرائع .. دافعوا عن وحدتكم الترابية بالفكر ، بالكلمة ، وبالموقف الصادق ، فكل من يحب وطنه حقا هو جندي في صف الدفاع عن قيمه وثوابته.

خمسون سنة بعد المسيرة الخضراء ، يظل النداء واحدا " لبيك يا وطني" ، لبيك بالعقل والعلم، لبيك بالفعل والالتزام، لبيك بروح مخلصة تنبض بحب هذا الوطن من طنجة إلى الكويرة.

ولتكن مسيرتنا اليوم مسيرة علم وإبداع ، ومسيرة وفاء لأجداد ضحوا بالغالي والنفيس ، لتبقى راية المغرب عالية خفاقة في سماء العز والمجد.

عاش الوطن .. وعاشت المسيرة الخضراء رمزا للسلام ، والوحدة ، والوفاء. ومن باب" فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" ، لا ننسى قسم المسيرة الخضراء المظفرة: " أقسم بالله العلي العظيم أن أبقى وفيا لروح المسيرة الخضراء ، مكافحا عن وحدة وطني من البوغاز إلى الصحراء ، أقسم بالله العلي العظيم أن ألقن هذا القسم أسرتي وعثرتي في سري وعلانيتي ، والله سبحانه هو الرقيب على طويتي وصدق نيتي."

رحم الله مبدع المسيرة الخضراء ، محرر الصحراء المغربية المغفور له الحسن الثاني.
تعليقات