صور من الحياة..بريشة المبدعة د/نجية الشياظمي

"لم أعد أريد أي شيء .. أريد أن أكون سعيدة فحسب !"

عبارة تفوهت بها إحدى نزيلات المستشفى النفسي و العقلي للطبيبة النفسية التي تعمل هناك على علاج المرضى و التخفيف عنهم بما يتوفر لديها من وسائل ، بإحدى مدن أفغانستان ، سمعتها و أنا أشاهد أحد البرامج الوثائقية على إحدى القنوات الفضائية ، كانت الصورة فعلا قاتمة ، فقد ارتفعت حالات الاكتئاب عند الرجال و النساء ، الرجال بسبب الذهاب للحرب و عدم توفر فرص العمل ، أما بالنسبة للنساء فكان بسبب الانقطاع عن الدراسة ، و الخوف من عدم عودة الأزواج للبيت بسبب قتلهم هناك .

كلام تلك الفتاة التي كانت في مقتبل العمر ، جعلني في قمة التعجب و الإستغراب ، و كيف ستكون سعيدة و قد فقدت شغفها لكل شيء . هي أيضا أوقفوها عن الدراسة ، قبل أن تبدأ الأم ضربها كي تقوم بأشغال البيت . كانت تبدو في بداية جنونها ، حتى أنها لم تتذكر الطبيبة التي فحصتها بالامس .

ييأس المرء من حياته حينما تعترض سبيله الكثير من العقبات و التحديات ، فيصبح لا يرى أمامه إلا الظلام ، يحزن و يبكي و يفقد الفرح في كل تفاصيل حياته . يعيش و كان نورا كان يضيء أعماقه قد انطفأ . بدون شغف بدون أمل و بدون سعادة ، و من أين تأتي السعادة إلا من الأشياء التي نتمناها و نحصل عليها . الاكتئاب هو رؤية الحياة و الإحساس بها بدون ألوان ، فقط الأبيض و الأسود ، هذا ما توفر من باقي الألوان الأخرى ، الألوان المبهجة و المفرحة للنفس . و كأنه طبق جهز بدون بهارات ، طعمه يكاد يكون سيئا لدرجة أنك لن تتناوله إلا حينما يشتد بك الجوع الشديد . هكذا يعيش المكتئبون بين ألمهم النفسي و محاولة ظهورهم أمام الآخرين ، بشكل متماسك لا يدع مجالا للشك بأنهم يتألمون في صمت ، لأنهم حينما يشتكون سينعتون بالضعف و الهوان . فيتحملون إلى أن يأتي ذلك اليوم الذي ينهارون فيه إما بالجنون أو الانتحار .
تعليقات