كم نحتاج أن نحيا من جديد ، أن نتخلى عن كل ما تعودنا عليه ، و كل ما أصبح أقل أهمية و قيمة في أعيننا ، أو كل ما فقدنا شغفنا و حبنا اتجاهه ، و من المؤكد أن كلا منا قد مر من هاته التجربة ، تجربة التخلي أو نسيان أمور أو أشياء كانت في البداية ضرورية لنا ، لكنها حينما تعطلت و تم استغناؤنا عنها ، نسيناها تماما . لكننا عدنا اليها من جديد و في أشد الحماس و الاشتياق بعد غياب و نسيان ، و ربما إهمال . هكذا نعود لتذوق طعم الحياة من جديد ، بشكل جديد ، و كأننا نعود من موت طويل . دائرة التعود أو الراحة قاتلة بمعنى الكلمة ، و حتى لو أبقتنا على قيد الحياة فهي تقتل فينا كل إحساس جميل بالأشياء بل و حتى الأشخاص ، هذه طبيعتنا البشرية ، نمل بسرعة و نحتاج الى التجديد ، و حينما يغيب التجديد تغيب الحياة و رونقها . و قد نحتاج أحيانا إلى الابتعاد عن معالم المدنية و ضجيجها و العيش في صحراء أو مكان ناء ، حتى نستعيد طعم الحياة من جديد ، و نحس بكم النعم التي عميت أبصارنا عن إدراكها . هذه طبيعتنا و لن ننكرها ، لأنها جزء من تركيبتنا التي خلقنا عليها . ما أجمل الحياة من دون تعود ، ما أجمل ذلك الإحساس بالشغف القوي الذي يغمرنا منذ اللحظة الأولى ، في كل مرة يقتحم فيها حياتنا اي جديد بكل انواعه ، و بمختلفها من أشخاص و أشياء و ظروف . هو ذلك طعم السعادة الذي يغيب عنا حينما نتعود ، و تنطفئ شعلة الحماس و لهيبه بداخلنا.
دكتورة نجية الشياظمي تكتب: دائرة الراحة أم دائرة الموت؟
تعليقات