هكذا اكتشفت يوما ما ، حينما كنت قريبة جدا ، كنت لا أرى بنفس الوضوح الذي رأيت به الأشياء بعد الابتعاد عنها ، بل و حتى الأشخاص . ربما قربنا يجعلنا نستعمل القلب أكثر من العقل ، و حينما نبتعد نجد العواطف و قد خمدت ، فلا يبقى منها ما يؤثر على عقولنا ، بل إن عقولنا تستيقظ و تبقى في كامل صحوها و انتباهها ، و هكذا فإننا مطالبون بالابتعاد في كل مرة تُغرقنا عواطفنا ، و تجعل عقولنا مشلولة عاجزة عن التفكير العقلاني و المتوازن . هكذا نحتاج دائما إلى الابتعاد و إلى رؤية الأمور و نحن خارج الصورة لا داخلها ، فتواجدنا وسط المعمعة ، و بداخل ما نود معالجته من مشاكل ، يمنعنا عن التصرف الصحيح و الفعال ، خارج الصورة نرى أوضح ، نفكر بشكل أصفى و أعقل ، و هذا ما يجعلنا نسدي النصائح و الإرشادات إلى غيرنا بشكل أقوى ، أكثر مما نفعله مع أنفسنا . فقط لأننا حينما نتأمل المشهد من الخارج ، نستطيع التفكير و التحليل بشكل أفضل ، لأن تواجدنا داخله يجعلنا نتفاعل معه بكل ما فينا بكل مكوناتنا ، و هذا ما يجعلنا نأخذ القرار الخطأ حينما نحلل بالشكل الخطأ و نعالج الموضوع أيضا بالشكل الخطأ .
نحتاج كثيرا بل دائما إلى الابتعاد بالقدر الكافي، الذي يجعلنا لا نندمج مع أحداث ما نود تقييمه أو معالجته بالشكل المناسب ، نحتاج إلى نظرة شمولية تجعلنا محايدين لا منحازين ، تجعلنا نستعمل العواطف أو العقل ، بالقدر الصحيح لا المبالغ فيه ، و هكذا سنجد أنفسنا متوازنين و عاقلين ، حينما نخرج من المشهد و نبتعد كي نرى بوضوح و صفاء اكثر .
حينما نبتعد نرى أفضل..بقلم د/ نجية الشياظمي
تعليقات