دكتورة نجية الشياظمي تكتب: ص.واريخ لقت.ل الجوعى والعطشى

لقد أصبح عالمنا مخيفا و مرعبا ، فمن جهة كوارث طبيعية لا يد لنا فيها -بشكل مباشر- و لا نعلم كيف نتعامل معها أو نواجهها لإنقاذ أنفسنا ، و حروب من صنع أيدينا ، تدمر و تقتل دون رحمة و لا هوادة ، و هي بدورها نعجز عن إيقافها و إخمادها ، أطفال و نساء و شيوخ لا بل و حتى شباب يقتلون ، ومن يستطيع الهروب بنفسه من الدمار و الخراب؟ و الذي يشبه حمم بركان هائج تتبع و تلاحق كل شيء ، كي تحرق بشكل عشوائي كل ما يعترض طريقها .
لقد أصبحت البشرية متوحشة و فقدت إنسانيتها .

و قد نخجل من أنفسنا حينما نرى مشاهد مصورة لحيوانات تعلمنا الرحمة و الرفق ، في الوقت الذي أصبحنا فيه عاجزين عن تذكر فطرتنا التي خلقنا عليها .
كيف نشعر حينما نسمع عن أناس يقتلون و يقطعون أشلاء بالصواريخ فقط لأنهم يريدون إنقاذ أنفسهم و ذويهم من الجوع و العطش عن طريق البحث عن رغيف يسد رمقهم أو جرعة ماء تطفئ ظمأهم ، عالم متوحش فعلا ، لا أخلاق و لا إنسانية فيه مع أن إسم من يعيش فيه "إنسان"؟
كيف أصبحنا باردين لهذه الدرجة ؟ نرى و نسمع مشاهد الرعب و الدمار و الخراب و نتعود عليها ، و تصبح على شاشاتنا كتلك الإعلانات التجارية المملة و التي لا تتوقف طول اليوم ، هل حقا نحن "إنسان" أم أنه أصبح يخيل إلينا فقط أننا كذلك . 
من المؤكد أننا أصبحنا أناسا بلا إنسانية ، بلا مشاعر ، بلا رحمة و بلا أخلاق ، فكيف سنكمل العيش على هذا الكوكب في قتل و تقتيل ؟ في تخريب و تدمير ؟ ماذا سنستفيد من وراء كل هذا الدمار المنتشر هنا و هناك ، لقد تعبنا و أنهكنا ، و سادت الكآبة و الحزن و اليأس قلوبنا و أيامنا .
أليس هناك من عاقل يمسك بزمام الأمور ؟ و يوفر علينا المزيد من البؤس و الشقاء ؟ ألسنا في عولمة و قرية صغيرة ؟ فكيف فقدنا السيطرة على كل أدوات الموت ؟ تلك التي لو استثمرنا ما ننفقه عليها في إسعاد البشرية لأصبح عالمنا جنة ، و شبع كل جائع و اغتنى كل فقير . لعلنا نستفيق يوما كي ننقذ ما تبقى من هذا العالم و من أنفسنا قبل فوات الأوان .

تعليقات