وجلست أتأمل و أتذكر حينما أغلقنا على أنفسنا الأبواب و النوافذ و جميع المنافذ ، كي نحميها من وباء كوفيد 19 خلال ثلاثة أشهر من سنة 2020 ، لم نكن نعلم شيئا عما ينتظرنا بعدها ، كنا خائفين متوجسين و متأهبين لمتابعة كل أخبار العدوى و كل إجراءات الوقاية و الحماية . منا من قضى شهر رمضان وحيدا لتعذر بل لاستحالة التنقلات و الزيارات بين الاهل و الاقارب و حتى الأباعد ، و بعدها جاء عيد الفطر و بعده عيد الأضحى ، أعياد و مناسبات كان من المستحيل أن نقضيها بعيدا عن الأهل و الأحباب . و تحملنا و صبرنا الى أن مرت الأزمة و اختفت مع أننا كنا نراها لن تمر و لن تنتهي . و لن أخفي مخاوفي ساعتها فقد كنت أتخيل الشوارع مليئة بالمجرمين و اللصوص و هم يحاولون اقتحام البيوت ، و نهب ما يودون نهبه من أصحابها. و الآن ماذا عساني أتخيل؟ بل ماذا عسانا نتخيل جميعا ، حرب عالمية ثالثة تعيد البشرية الى بدائيتها ، أم دمار نووي شبيه بما حصل في هيروشيما و ناكازاكي ؟ من منا يستطيع توقع ما نحن مقبلون عليه ؟ لا أحد طبعا لكننا مع ذلك متفائلون و متطلعون للحياة و للأمل و السعادة ، إنها رغبتنا في البقاء على قيد الحياة ، على قيد التفاؤل و السعادة رغم كل شيء ، و ها نحن نرى أكبر دليل على ذلك ، نرى أهل غزة يغامرون بحياتهم لأجل لقمة تسد رمقهم حفاظا على أرواحهم ، إنها قوة غريزة البقاء أو ما يسمى ب "إيروس" في علم النفس ، غريزة تتحدى كل الصعاب و العقبات كي تحافظ على الإستمرارية و البقاء .
لا شيء يوقفها أو يهزمها إلا حينما يستسلم صاحبها ، حينها يتغلب "الثاناتوس" او غريزة الموت يفنى الإنسان و يموت بإرادته ، فلم تعد له رغبة في العيش . نحن أيضا نكافح من أجل البقاء مع أننا لسنا جميعا وسط معمعة الحرب و نيرانها ، فقد يكون ما يتسرب إلينا من أخبارها كافيا لإصابتنا بالاكتئاب و الأرق ، و التوتر العصبي . قد ترتفع الأسعار بل من المؤكد أنها ستلتهب و تلهب معها جيوبنا . سيتغير العالم من حولنا كما سبق حينما انتهت أزمة كوفيد لكن ربما بدرجة أكبر و أقوى ، لا نعلم فكل شيء ممكن . سنتحلى بالصبر و الإيمان ، نمارس الرياضة و نستمع الموسيقى و نقرأ الكتب و خصوصا الإيجابي منها ، فكل هذا كفيل بأن يخفف عنا وطأة ما نمر به . و هكذا نبقى دائما مستعدين لكل ما يأتي ، فكله خير و على ما يرام .
أزمة جديدة..بقلم د/ نجية الشياظمي
تعليقات