تعودت أن أستيقظ كل صباح على صوت الإذاعة ، من خلال هاتفي الذكي ، لقد أسعدتنا التكنولوجيا فعلا ، ففي جهاز واحد تجد كل ما تحتاج إليه من باقي الأجهزة ، مثلا آلة تصوير ، آلة حاسبة ، مذكرة ، مذياع ، حاسوب مصغر و غيرها من الخدمات التي يقدمها كل هاتف ذكي ، و من لا يجد كل هذه الأمور متوفرة عنده على هاتفه الذكي ، فلن يكون لأي سبب آخر سوى بسبب تقصيره في البحث و الاستعمال ، عموما لا أدعي أنني أصل الى كل الخاصيات و الصلاحيات ، لكنني أستثمر ما وصلت إليه .
خلال هذا الأسبوع و في نهايته بالضبط ، سمعت في إحدى الإذاعات كلمة "بوبل"أي "poubelle" باللغة الفرنسية و كل ما يتعلق بالكلمة و صاحبها : كان ذلك عندما قدم يوجين بوبل سلة المهملات عام 1884، حيث تعرض العديد من الانتقادات في الصحف الفرنسية لكونه يتدخل في لقمة عيش جامعي النفايات . هكذا وصفوا ابتكاره او فكرته . حيث كان على المواطنين ساعتها أن يضعوا أمام بيوتهم حاويات لجمع القمامة ، بدل وضعها على الأرض كما كان سابقا إلى أن يأتي من يجمعها ، و قد لاقت فكرة السيد بوبل مقاومة و اعتراضا كبيرا في البداية من طرف الفرنسيين . و هكذا نجد مقاومة العقول البسيطة لكل الافكار الجديدة و الغير عادية في كل زمان و مكان .
في الوقت الذي نجد فيه اليوم ، ان هذه التصرفات أصبحت علامة و سلوكا حضاريا لا يمكن مخالفته ، في الدول التي اعتمدت وضع هذا الوعاء البسيط في اماكن مختلفة من الشوارع حتى يتمكن الناس من وضع تلك المخلفات فيها بدل أن يلقوها على الارض ، في الشوارع و الأزقة ، حيث أن هناك مخالفات تسجل ضد من لا يحترم تلك القاعدة الحضارية ، فيلقي بالقمامة حيث شاء و وقت ما يشاء ، أحيانا حتى من نافذة السيارة -و هذا فعلا قمة سقوط الأخلاق و عدم احترام لا الناس و لا البيئة -و قد يستغرب القارئ و يقول كيف يمكن في كل مرة أود أن أرمي كيس البسكويت مثلا ، علي البحث مليا عن سلة المهملات ، حتى أتمكن من وضع ذلك الكيس فيها . ليس لدي أي رد سوى أن أقول أنه علينا جميعا أن نتحرى وجودها أو نحتفظ بما نود وضعه فيها ، في أي مكان آخر الا الشارع ، مثلا في جيبي ، في السيارة ، في الحقيبة... و هكذا الى أن أجد السلة او أعود للبيت و أضع ما احتفظت به في مكانه المناسب .
قد يكون مجرد التفكير في هذا السلوك مرهقا ، لكنه سلوك حضاري و بامتياز ، و قد يكون بداية للعديد من السلوكيات الحضارية و الجيدة و المفيدة لنا جميعا . نتساءل دائما لماذا يصعب علينا مسايرة الغرب في سلوكياتهم و تصرفاتهم الحضارية . ربما بل من المؤكد اننا نستصعب تغيير عاداتنا السلبية ، و لا نقويها بقوانين رادعة و داعمة في نفس الوقت .