ورغم أن هناك فروقات كثيرة بين وضعية العمال الذكور و الإناث منهم
، فغالبا ما تكون العاملات مهضومات الحقوق ، و أجورهن أقل بقليل من أجور الرجال
بالإضافة إلى الكثير من الحيف الذي يقع عليهن و هن مغلوبات على أمرهن ، و لا يملكن
سوى الطاعة و الرضوخ و الامتثال لظروف العمل ، فظروفهن لا ترحم ، هناك من تشتغل كي
تعيل ابناءها الأيتام ، و هناك من تعيل عائلتها كاملة.
هنا أقف مذهولة امام شريحة من العاملات اللواتي لا يطالبن ولا حتى
يشتكين من ظروفهن ولا حتى يجدن هناك أملا في الأفق يتمنين من خلاله تغير الأوضاع
إلى الأفضل . إنهن ربات البيوت ، نساء وهبن أنفسهن طواعية لخدمة الأسرة و السهر
على راحتها ، دون تحديد لا أوقات للعمل و لا عدد ساعاتها ، و لا حتى يطالبن
بإجازات مرضية ، و لا سنوية و لا رفع في الأجور لأنهن أصلا يشتغلن من دون أجور ،
نظرت الى نفسي في المرآة و قلت "ماذا لو كنت واحدة منهن ماذا كنت سأفعل
؟" توقف عقلي عن التفكير لحظة ، و لم أجد ردا على سؤالي سوى أن اقوم بإضراب
مستمر دون أن أقوم بأي شيء إلى أن يُسمع صوتي و تلبى مطالبي.
وأولها أن يكون لي أوقات عمل معينة بعدها أخلد للراحة وخصوصا حينما
يكون لي أبناء و قد أصبحوا قادرين على خدمة أنفسهم بأنفسهم ، و ما المانع ؟ فقد
كرست الكثير من الوقت لهم و هم صغارا و ها قد جاء الوقت الذي أرتاح فيه من التعب ،
و كنت سأطالب بعطلة أسبوعية ، أرتاح فيها من تعب الأسبوع كله.
بالإضافة إلى عطلة سنوية أسافر فيها معهم إلى أي مكان نستجم فيه معا جميعا ، و كنت
سأطالب بأجر قابل للرفع أو أن يعوض بهدايا معينة أحددها أنا بنفسي .
هذا
القليل جدا مما فكرت فيه ، لكن أعلم أن هذا مجرد حلم ، و أن أول من سيعيب
علي هن النساء أنفسهن و أولهم ربات البيوت ، لكن قبل أن يحصل كل ذلك ، أنا هنا
اكتفيت بتمرير رسالة مشفرة سيفهمها من يود و يتجاهلها أيضا من يود ، و هذا لا يغير
في القضية شيئا ، و سوف تتجلى أمامنا هذه المطالب في كل عيد للعمال سواء وجدت
آذانا صاغية أم لا ، المهم أن الرسالة وصلت و كفى ، و كل عام و كل عامل مخلص في
عمله و هو سيد و بطل بما يقوم به في سبيل أن يعيل أسرته و أن يربي أبناءه تربية
يفتخر بها و يفتخر بهم الوطن.