كَفَني يُطِلُّ من المَرايا يُبرِقُ *** والرّوحُ تَصعدُ للسَّما وتُحَلِّقُ
شوقا أذوبُ كشمعةٍ وسْطَ اللَّظى *** قلبي يئنُّ ودمعتي لا تُشفقُ
متقطِّع قلبي الجريح صبابةً *** نفِدَ التصبُّرُ والضِّيا لا يُشرقُ
حُلمي أعودُ إلى الهوى في هيئتي *** وأهيمُ أعشقُ في القصيدِ وأَغرقُ
ليتَ الذي قد كان فينا ماكثا *** مطرٌ تجودُ به السَّماءُ وتُغدِقُ
كُن ما تشاءُ، تعاستي أو بهجتي *** في الحالتينِ على الصَّبابةِ أُحرَقُ
لي حبيبٌ بالسُّهادِ أصابَني *** وراحَ يطرَبُ بالمنامِ ويرشُقُ
في أدُمعي قد سالَ يسكُبُ خَمرَهُ *** والدَّمعُ أعدلُ شاهدٍ قد يَصْدُقُ
كم هالَني ذاكَ الجفاءُ ونارُهُ *** كم جارِفٌ حِبّي الحنونُ ومُشفِقُ
وهوَ الفريدُ من الصِّفاتِ وعكسُها *** وهو الحروبُ وجُندُها والبيرَقُ
وهو الوغى والسيفُ يقطَعُ أُنسَنا *** وهو الحَلا مُتقَطِّرًا والبُندُقُ
آهٍ على شوقٍ يُفتِّتُ مُهجَتي *** ويُعيد تجميعَ المُنى ويُفَرِّقُ
لولا المُنى ما ظَلَّ يحيا عاشقٌ *** لولا الغرامُ لما تأمَّلَ مُخفِقُ
إنّي لأُفني في عيونِكَ خافِقي *** وأمُدُّ مِن روحي الحياةَ وأسرِقُ
وأعيشُ عُمري لا أُبالي خيفةً *** العُمرُ أنتَ ولو بصيصاً يَبرُقُ
أرجوكَ عُد لي كيف بعدكَ أشتهي *** أنتَ الذي (إن كُنتَ لي) ما أُنفِقُ
والشّمسُ تستلفُ الضِّياءَ كأنّها *** مِن ضوءِ عينِكَ بالغِوايةِ تُشرِقُ
قُل لي أُحِبُّكِ وانتظِرْ ما ينجلي *** سأُطِلُّ من زَهرِ الرُّبى أتزوَّقُ
دعْ عنكَ غيظَكَ وانفجِرْ من أجلِنا *** إنَّ الغرامَ إذاَ تكتَّمَ يفسُقُ
هيّا لنَجْزِل بالعَطاءِ كلامَنا *** إنَّ الفِعالَ من الرَّسائلِ أصْدَقُ
ما زِلتُ أطلُبُ في الغيابِ وأشتهي *** هل كان فيما أشتهيه تمَلُّقُ
جوعي إليكَ حكايةٌ أبديَّةٌ *** وَجْدا أموتُ وأنتَ حيٌّ تُرزَقُ؟
المالُ فرَّقَنا، الأثيمُ ولم تَزَلْ *** تُردي المواجعُ أضلُعي وتُشَقِّقُ
إنّي هُنا بالصَّبرِ أرحَمُ يقظَتي *** تبكي القُبورُ على صِبايَ وتَشهَقُ
حتّى الوحوشُ من القِفارِ تضرَّعتْ *** وبَكَتْ على حُسنٍ يُضامُ ويُشنَقُ
وأرى الجوارحَ أفلتَتْ أوجاعَها *** منِّي زِمامَ الانتظارِ وأُرهِقوا
ولَأنتَ قلبي لا تجيءُ تمنُّنا *** خوفي نسيتَ لقاءَنا ما يَعبِقُ
هل غابَ عنكَ نسيمُنا في عطرِهِ *** أم هل توقَّفَ نبعُكَ المتدفِّقُ
كيفَ العذابُ سلاحُهُ وقِلاعُهُ *** في العشقِ أبغى ما يكونُ الأحمَقُ
أُذكُر حبيبي قِطعةً من نورِنا *** يتفتَّتُ الكونُ الفَسيحُ و يُمْحَقُ
هذي يدي ممدودةٌ لعناقِها *** يا من فُراقُهُ في حياتي يُطبِقُ
حولي الفراغُ وظُلمةٌ تجتثُّني *** فإذا صرختُ فباسمِ حُبِّكَ أنطِقُ
نفسي اليتيمةُ لا تُقيمُ بنفسِها *** طارتْ إليكَ صميمُها يتألَّقُ
ألِفتُكَ من قبلِ المحبَّةِ بُرهَةً *** في لحظِها كُلِّي وجَدتُهُ يَعلَقُ
مجنونةٌ عزَفَ الزّمانُ هزيجَها *** وبلابلُ الأفياءِ فيه تُزقزقُ
أنفاسُكَ الحَرَّى تَضَوَّعَ مِسْكُها *** وبها أقومُ جميلةً أتأنَّقُ
فلِمَ اللّهيبُ بداخلي مُتأجِّجٌ *** ولِما أ يا قلبي تُساقُ وتُحرَقُ
إن كُنتُ أنسى وَحْدَتي فلأنّ بي*** أمَلًا، سينمو في ربيعي الزَّنْبَقُ
ما ضَرَّنا الصَّبرُ الجميلُ أحِبَّتي *** كَذِبًا يقولُ وإنَّنا سَنُصَدِّقُ
نبقى نُطِلُّ من الجَحيمِ ونَقْتفي *** أثرَ الهواءِ ففي الجَحيمِ سَنورِقُ
ثوبُ الهوى مُتلألئٌ مُتجَدِّدُ *** والرُّوحُ فيهِ كليلةً تتمزَّقُ
كَم يتعبُ القلبُ المُدانُ بعشقِهِ *** كيفَ القَضاءُ لدائنٍ لا يَعشَقُ
لمَّا بَدا بالغيبِ عارِضُ موتِنا *** كُشِفَ اللِّثامُ عن الذين تَزَندَقوا
رسَمَتْ وجوهُ العابِرينَ سبيلَنا *** حتى الذين تغرَّبوا وتَشرَّقوا
سرقوا السَّعادةَ مِن هَفيفِ قُلوبِنا *** هل كان فيها ما يَهِفُّ فيُسْرَقُ؟!
حَنَثوا يَمينا قد تعاظَمَ شأنُها *** نَقَضوا مواثيقَ الإلهِ وطَلَّقوا
خانوا وذُقنا مِن عذابٍ قائمٍ *** ما هكذا يُجزى الوفاءُ المُطلَقُ
لسنا نُريدُ سِوى الوِصالِ ونَظرةٍ *** والعينُ لا تُروى ولا هِي تَنطِقُ
إنَّ العُيونَ تكادُ تفقِدُ نورَها *** وغِذاءُها حِبٌّ يُطِلُّ ويَرمُقُ
نارٌ على نارٍ حَنانُكَ قاتِلي *** لَم يُبقِ مِنَّا ما يُراقُ ويُهْرَقُ
أكرِمْ بقلبِكَ من فُؤادٍ دوُنَهُ *** عَفْوٌ إلى يَومِ القِيامَةِ يُلْحَقُ
تِلكَ العُيونُ على الخِيانة عُوِّدَتْ *** إنَّ العُيونَ إذا تَخونُ سَتُغْلَقُ
بَرئَ الأَنامُ مِن الصَّبابةِ والهَوى *** وأنا على بابِ الصَّبابَةِ أَطْرُقُ!