.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

هناك دائما أشرار..دكتورة/نجية الشياظمي

ليتهم أخبرونا بهذا حينما كنا أطفالا أبرياء ، لا نعي من أمور هذا العالم شيئا ٠٠ ليتهم حذرونا و أنذرونا ، حينما كانوا يحشون عقلولنا بكل القيم الإنسانية من حب و تسامح و تعاون و حسن ظن ، و غيرها من الأمور التي لم نجد لها أثرا حينما خرجنا من كنف أسرنا ، حينما حاولنا العيش و الاختلاط بمن كنا نخالهم مثلنا ، كإخوتنا الذين كانوا يعتدون على حقوقنا و يتجاوزون حدودهم معنا ، فقط لأننا كنا أكبر منهم ، و كان من الواجب علينا أن نكون آباء و أمهات تجاههم مهما عملوا معنا و فينا ، فقد كان علينا أن نكون نحن العاقلون و الناضجون ، الصبورون أصحاب القلوب الكبيرة .
الآن أضحك من سذاجتنا . لقد كانوا يضحكون علينا ، كانوا يحلون بعض مشاكلهم على حساب كرامتنا و إنسانيتنا . كبرنا مستغَلين ، و منهَكين من شدة التنازل و التعاطف معهم ، في الوقت الذي كانوا يسنون فيه أنيابهم كي ينقضوا علينا و يفترسونا بها و و في أقرب فرصة .
إلى أبي و أمي الآن أقول : لقد صدَّقت كل كلامكم و عملت به ، لكنني للأسف لم أجدا قلوبا تعاملني بمثل ما عاملتها به و هي صغيرة و حتى و هي كبيرة ، حينما كنت أحمل و أرعى و أطعم كل من يحتاج لذلك . حينما منحتهم من القليل الذي كنت أتوفر عليه و من خلالك يا أبي . و حينما كبروا و حاولت أن اذكِّرهم بذلك ، أخبروني أنني كنت أساعدك أنت لا هم يا أبي ، هل تصدق هذا ؟؟؟
و حتى حينما كنت أقتطع من رفاهيتي و رفاهية أبنائي مبلغا أعتبره حقا لك و واجبا علي أداءه لك ، اعتبروا ذلك صدقة مني لهم أقدمها بكل تكبر و تعال ....هكذا أخبروني !
أبي العزيز ، ما أصعب أن تكون أكبر إخوتك ، و في النهاية تكتشف أنك كنت أكبر مخدوع و مضحوك عليك ، ما أصعب هذا الإحساس يا أبي، كنت أتخيل و أنت تسدي إلي النصح بهذا الخصوص أنني سأحصل على مثل ما قدمت لهم أو حتى أقل بقليل ، لكنني لم أحصل إلا على الحسرة و الندم ، لكنني لا ألوم أحدا سواي و سوى نفسي الساذجة و الكريمة .
عالمنا مليء بالأشرار ، و أكثرهم شرا أولئك الذين عشنا معهم و نحن صغارا .
هكذا أنهيت قراءة رسالة تلك المسكينة التي تورمت عيناها من البكاء و هي تحاول أن تقنعني بأنها بخير لولا تلك الورقة التي سقطت من يدها على الأرض دون أن تنتبه لها ، كانت رسالة من بين العديد من الرسائل التي كتبتها ضمن كتابها "مذكرات الأخت الكبرى " و الذي كان قيد الطباعة . حينما أخبرتني بذلك حينها فقط فهمت سبب حزنها و مأساتها ، و وعدتها أن أوصل صرختها إلى كل أولئك الذين يتنكرون لما قدمه الآخرون لهم ، منادين بأعلى أصواتهم "صنعنا أنفسنا بأنفسنا " لكنهم في الحقيقة لم يكونوا سوى كاذبين على أنفسهم و على العالم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق