يوم ميلادي..دكتورة نجية الشياظمي

 و يأتي ذلك اليوم الذي رنت فيه الزغاريد بقدومي لم أكن ذكرا لكنني كنت البكر ، أول فرحة لوالدي ويكفي أن ينادى على أبي أبو فلانة و أمي أم فلانة . 
كنت لا أعلم شيئا من كل ذلك كان يكفيني أن تلبى كل رغباتي حتى دون أن أطلب ذلك ، اعتقدوا أنهم صنعوا لي شيئا جميلا . 
في الوقت الذي كانت فيه الحياة تنتظرني لتقول كلمتها في وجهي بكل قوة ، لتخبرني أنها تعلم أنني جئت بدون رغبة مني ، لكنني جئت ، جئت لأتعلم لآخذ نصيبي من كل الدروس التي أخذها كل من سبقني وأولهم والدي ، لست أدري لماذا لا نتذكر كل هذا ، لماذا ننسى كل ما ينتظر تلك الكائنات الصغيرة و البريئة ، والتي فرحنا بها منذ الشهور الأولى حينما كانت تتكون في أرحام أمهاتها ، ما كان يشغلنا فقط هو حلول ذلك اليوم ، يوم الميلاد ، يوم لا تنساه الأمهات ولا تود تذكر آلامه و مخاضه المؤلم . يوم كان فيه الآباء على أصابهم لاستقبال البشرى ، كلهم يتضرعون إلى الخالق أن يكون المولود ذكرا ، نعلم هذا جميعا نعلم أن للذكر أولية وأهمية في مجتمعاتنا و ثقافتنا العربية العريقة ، مولود ذكر يعني رجل المستقبل الذي سيكون ذراع والده و سند أمه و حماية اخته وفارس قبيلته ، كل هذا و أكثر و تبقى الأنثى هي الدرجة الثانية التي تسير على توفير طلباته و راحته ونجاحه . 
هذا يوم ميلادي بكل فخر ، ميلاد أنثى لعبت دورهما معا ، دور الذكر القوي ودور الأنثى الحنونة، هكذا كان علي أن أكون و أن أتحمل ، هكذا كلما جاء هذا اليوم أحسست بأن الحياة علمتني الكثير ، ولن تتوقف عن تعليمي ما دمت على استعداد لذلك ، فنحن في كل يوم في تجدد ، و في انسلاخ عن كل النسخ القديمة ، نسخ فقدت صلاحيتها وأصبحت عديمة الجدوى ، هكذا في كل يوم أحب الحياة وأشكر الخالق انه وهبني هذه الفرصة ، منحني هذه النعمة . 
سأظل ممتنة لهذا اليوم ، سأظل أحتفل به رغم كل ما مررت به ، رغم كل ما تعلمته وسأظل أسعى للتخلص من كل النسخ السابقة و القديمة و المتهالكة ، لأجل أفضل نسخة وأبهاها وأجملها و أنجحها ، سيكون ذلك اليوم هو يوم ميلادي الحقيقي.
تعليقات