.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

لكل شيء أجل..بقلم د.نجية الشياظمي

لكل شيء أجل "فإذا جاء أجلهم لا يستاخرون ساعة و لا يستقدمون" صدق الله العظيم.
قد يخيل إلى كل من يسمع هذه الآية فيعتقد و يتوهم أنها تتكلم على أعمارنا فقط ...لكنها آية شاملة جامعة لكل ما يوجد على وجه هذه البسيطة ، من أشخاص و أشجار و بنايات و عقود و عهود و كل كل شيء غير هذا . حتى علاقاتنا ببعضنا يحكمها الأجل ، فنجد من يتحمل و يتكبد كل المتاعب لأجل تمديد تلك العلاقة و منحها بعض الوقت لتستمر ، ويشبه هذا في حد ذاته ذلك المريض الذي يصف له الطبيب الدواء و الوصفات ، فيأخذ منه لأجل تحسين حالته ، و قد يحصل هذا فعلا فيتعافى المريض و يصبح في أحسن حال فيفرح بنجاته و يفرح كل المحيطين به فقد أخذ بسبب من الأسباب الميسرة و المتاحة فنجى بذلك و استطاع أن يمنح نفسه _منحه الله _مزيدا من الأيام لينعم بها و يسعد و يتمتع . في الوقت الذي نجد فيه أن الأخذ بنفس الأسباب لمريض آخر مضيعة للوقت و المال ،  فيبذل من أجل الشفاء الغالي و النفيس ،لكنه لا يحصل على ما يتوخاه من كل ما منحه و بذله . و يكون أجله قد أوشك أو حان فيقضي و يموت رغم كل الجهود . و هذا يشبه أيضا في حد ذاته علاقات تكون آيلة للسقوط منذ البداية ، أو ربما تتعثر في مسيرها فتصبح مهددة بالفشل و السقوط ، و يحصل ذلك حينما يحين أجلها ، فيتفرق الأطراف غير مدركين سبب ذلك ، وغير متوقعين لما حصل معهم و قد كان بإمكانهم توقع ذاك منذ البداية ، فبعض الأمور تبدو جلية واضحة أمام أعيننا مهما حاولنا تجاهلها ، تبقى ملاحقة لنا و كأنها تأبى إلا أن تخبرنا بالحقيقة المرة و التي لا تود أن تنسحب من أمامنا أبدا . لكننا نعمل المستحيل من أجل طمسها و إخفاء ملامحها لأنها تزعجنا.
لكل شيء أجل : أيامنا ، أحلامنا ، علاقاتنا ، مشاريعنا... و غيرها غيرها من كل هذا . فلا داعي لأن نحمل أنفسنا فوق ما لا نطيق
ففوق طاقته المرء لا يلام ، و يكفيه شرفا أنه حاول مرات و مرات لتفادي ذلك الفشل و القدر المحتوم رغم عدم نجاحه في تفادي ما كان يود تفاديه و تجنبه .
قد يبدو الأمر مخيفا بعض الشيء حينما نتذكر أن لكل شيء أجل ، لكل شيء تاريخ ميلاد و تاريخ وفاة و مدة صلاحية لا تزيد و لا تنقص ،  قد نرتعب و نفزع ، فطبيعتنا كبشر تبقى دائما هي التمسك بكل الأشياء حتى و لو كانت فانية و وهمية ، لا نود التراجع عن مكتسباتنا مهما كان حتى و لو كان ذلك  مجرد حلم وردي جميل لا زال في علم الغيب كذلك الوليد الذي حينما تفقده أمه و هو لا زال جنينا ، تبكيه كثيرا و تحزن عليه و تقيم له مأتما  و عزاء و جنازة ، و قد كان مجرد إنسان لم يخرج إلى الوجود ، و حلما لم يتحقق بعد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق