.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

قصيدة سل الرماح العوالي ، شرح وتحليل بقلم طالبة الدكتوراه سمر آل محمد الموسوي



الملخص:

صفي الدين الحلي ، واسمه عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم الطائي الحلي، يُعد من أعلام الشعر العربي في العصر المملوكي. وُلد في مدينة الحلة بالعراق في عام 1277م، ونشأ في بيئة غنية بالعلم والأدب، مما ساعده على صقل موهبته الشعرية منذ صغره. قصيدته "سل الرماح العوالي" تُعد واحدة من أعظم أعماله، حيث يبرز فيها الروح الفروسية والشجاعة العربية الأصيلة. في هذه القصيدة، يعبر الحلي عن الفخر والاعتزاز ببطولات قومه ويستدعي رموز الشجاعة والقوة لتأكيد مكانتهم العالية. يبدأ الحلي قصيدة "سل الرماح العوالي" بتوجيه نداء للسيوف والرماح لتشهد على معالي قومه وشجاعتهم. يصف كيف أن السيوف لم تخيب رجاءهم وأن جموعهم كالجمان تهاجم الأعداء ببسالة. يتحدث عن الكرم والشجاعة، ويشيد بصفات قومه الذين يتدرعون بالحكمة والعقل في المعارك. كما يعبر عن اعتزازه بأنهم قومٌ يحافظون على العزة والكرامة ولا يجد العيب فيهم إلا في قوتهم وسفكهم لدماء الأعداء.

المقدمة:

 عاش الحلي في فترة شهدت الكثير من التقلبات السياسية والحروب، وهذا أثر بوضوح على شعره، حيث تميز بعمق الفكر وقوة التعبير وبلاغة الأسلوب.

قصيدة "سل الرماح العوالي" تعتبر من أروع قصائده، حيث يظهر فيها الفخر بالبطولات والملاحم التي خاضها قومه. تعكس القصيدة الروح القتالية والفروسية التي كانت سائدة في ذلك الزمن، وتستدعي صور الشجاعة والإقدام من خلال استخدام الرموز والأساليب البيانية المتنوعة. يتجلى في هذه القصيدة مدى ارتباط الحلي بتراثه وثقافته العربية، وكيفية استخدامه للشعر كوسيلة لتخليد أمجاد قومه وتاريخهم المجيد.

تتألف القصيدة من سلسلة من الأبيات التي تتناول موضوعات الشجاعة والكرم والحكمة، وتستخدم التشبيهات والاستعارات بشكل مبدع لتعزيز الرسالة الشعرية. من خلال تحليل كل بيت على حدة، يمكننا أن نستكشف كيف نجح الحلي في استخدام اللغة العربية بشكل يبرز جمالها وقوتها، وكيفية توظيفه للعناصر البلاغية لإيصال مشاعره وأفكاره بوضوح وإبداع.

في هذه المقالة، سنقدم تحليلاً مفصلاً لقصيدة "سل الرماح العوالي"، مستعرضين أسلوب الحلي الشعري، واستخدامه للصور البيانية، والمعاني العميقة التي تحملها الأبيات. سنسعى لفهم السياق التاريخي والثقافي الذي أثّر على الشاعر، وكيف عكسه في شعره ليعبر عن الفخر والانتماء لقومه. كما سنلقي نظرة على تأثير القصيدة ومكانتها في الأدب العربي، والدروس والقيم التي يمكن استخلاصها منها في سياقنا المعاصر.

حياة صفي الدين الحلي

اسمه الكامل عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم الطائي الحلي وُلد في مدينة الحلة الواقعة في وسط العراق، حوالي 1277م (675 هـ) كان يكنى ( أبو المحاسن) وهي منطقة كانت مشهورة بالعلم والأدب في تلك الفترة. نشأ في بيئة علمية وأدبية، مما ساعده على تطوير موهبته الشعرية والأدبية منذ الصغر. تعلم في مدارس الحلة، حيث درس اللغة العربية وآدابها والشعر والفقه والتاريخ. كان شاعراً غزير الإنتاج وله العديد من الأعمال الأدبية، أبرزها ديوانه الشعري الذي يحتوي على قصائد في مختلف الأغراض الشعرية مثل المدح والهجاء والغزل والوصف. كان من أبرز شعراء عصره، وتميز شعره بالسلاسة والبلاغة وقوة التعبير، تميز أسلوب صفي الدين الحلي بالبلاغة والفصاحة، وقدرته على استخدام الصور البيانية والتشبيهات والاستعارات بشكل مبدع. تناول في شعره موضوعات متنوعة مثل الشجاعة والفروسية والحب والجمال والطبيعة. كما أنه استخدم البحور الشعرية العربية المختلفة بمهارة عالية، مع ازدياد شهرته كشاعر، انتقل صفي الدين الحلي إلى بغداد، التي كانت في ذلك الوقت مركزًا ثقافيًا وسياسيًا هامًا في العالم الإسلامي. في بغداد، تعرف على العديد من العلماء والأدباء والشعراء، مما أثرى تجربته الشعرية والأدبية، قام صفي الدين الحلي بالعديد من الرحلات إلى بلاد الشام ومصر، حيث تواصل مع بلاطات المماليك وحصل على دعمهم. كانت هذه الرحلات فرصة له للاطلاع على الثقافة والحياة في هذه المناطق، والتفاعل مع شعرائها وأدبائها، توفي صفي الدين الحلي في بغداد عام 1349م (749 هـ). بعد وفاته، بقيت أعماله محفوظة وأثرت في الأدب العربي، وما زالت تُدرس وتُحلل حتى اليوم.

أهم أعماله:

  1. الديوان: يحتوي على مجموعة كبيرة من قصائده التي تتنوع بين المدح والهجاء والغزل والوصف وغيرها من الموضوعات.
  2. العاطل الحالي والمرخص الغالي: كتاب في علم العروض يتناول أوزان الشعر العربي وقواعده.
  3. التذكرة الحلية في شعراء الحلة: كتاب يحتوي على تراجم لشعراء الحلة وأشعارهم.
  4. المعجم: عمل في ترتيب ديوان شعره وقصائده بشكل منظم يسهل الاطلاع عليها.

تحليل أدبي لأعماله:

الأسلوب:

صفي الدين الحلي تميز بأسلوبه السلس والمرن، وقدرته على التعبير الدقيق والجميل. استخدم الصور البلاغية بشكل مكثف، وكان يعتمد على التشبيه والاستعارة والجناس.

الموضوعات:

تعددت موضوعات شعره بين المدح والهجاء والغزل والرثاء والوصف. كان يتناول في شعره قضايا اجتماعية وسياسية، ويعبر عن مشاعره وأفكاره بوضوح وبلاغة.

اللغة:

استخدم صفي الدين الحلي لغة عربية فصحى بليغة، وكان يلتزم بالقواعد الشعرية التقليدية، مما أعطى شعره طابعًا كلاسيكيًا أصيلًا.

 لتحليل قصيدة من قصائد صفي الدين الحلي سنختار قصيدته الشهيرة :  "سل الرماح العوالي"

 

سل الرماح العوالي عن معالينا          واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

قد طالما قدحوا أزهارهم قبلا              فازهارنا لمعاليها تباهينا

فما سوى جودها حلت مجامعنا          ولا سوى بسطها أرخت نواصينا

نحن الذين إذا قوم أبادهم                  فينا الفناء وفي آثارنا الفينا

سل الرماح العوالي عن معالينا          واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

فأصبحت دولة الإسلام قائمة             بالدين، والخير يبقى في مواضينا

والدهر لا شك يعطينا مواهبه            إذ قارن الفضل نصرٌ من أيادينا

أسرنا الملك الجبار في يده               ونال قدماً غنائمها أعادينا

إذا استقلّت جيوشٌ لا نرى معها         إلا الكتائب تهوي في أعادينا

ومن لنا من جموع كالجمان إذا          قد قمت غاراتها تغزو أعادينا

وتحمل البيض والأردان تحملها         من العجائز تعلو كل صبيانا

لبّى لها الجيش من غلب الرجال كما     لبّى الجمال من العيس الحوادينا

أجدى الرجال على الإسلام حين بدت     كتائب أسدها تحمي عرانينا

لا عيب فينا سوى أنّ السيوف بنا         خاضت دماهنّ في أعدائنا فينا

وقد سقينا الحتوف الغر في عنق          من راح يجرى به بين البرى سينا

قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة          يوما وإن حكموا كانوا موازينا

تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت           نار الوغى كان إعقالا مصلينا

لا عيب فينا سوى أنّ السيوف بنا         خاضت دماهنّ في أعدائنا فينا

وكم صحبت كريما ما بخلت له          لكنني كنت ممّا ينكر الدين

سل الرماح العوالي عن معالينا        واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

 

البيت الأول:

سل الرماح العوالي عن معالينا         واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

  • المعنى: يدعو الشاعر هنا للاستشهاد بالرماح والسيوف العالية لمعرفة بطولاتهم ومكانتهم. يسأل السيوف إذا ما كانت التوقعات التي عُلّقت عليهم قد خابت.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "الرماح العوالي" و"البيض" كناية عن الأدوات الحربية التي ترمز للبطولة والقوة.
    • الجناس: بين "الرجا" و"فينا" لزيادة الجمالية الصوتية.

البيت الثاني:

قد طالما قدحوا أزهارهم قبلا       فازهارنا لمعاليها تباهينا

  • المعنى: يشير إلى أن الأعداء قد حاولوا كثيرًا تحقيق انتصاراتهم السابقة، لكن انتصاراتنا وبطولاتنا تتألق وتظهر عظمتها.
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: يشبه المعالي بالأزهار التي تتباهى بلمعانها.
    • الاستعارة: "قدحوا أزهارهم" كناية عن السعي لتحقيق المجد والانتصارات.

البيت الثالث:

فما سوى جودها حلت مجامعنا       ولا سوى بسطها أرخت نواصينا

  • المعنى: لا يجتمع قومنا إلا بالعطاء والكرم، ولا تترخى شعورنا إلا بالكرم والتسامح.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "حلت مجامعنا" و"أرخت نواصينا" تعبير مجازي عن العطاء والكرم.
    • التكرار: استخدام "سوى" للتأكيد على الشروط الحصرية للعطاء في تجمعاتهم.

البيت الرابع:

نحن الذين إذا قوم أبادهم       فينا الفناء وفي آثارنا الفينا

  • المعنى: نحن القوم الذين إذا أفنينا الأعداء، يبقى فينا البقاء والحياة من خلال آثارنا العظيمة.
  • الصور البيانية:
    • الجناس التام: بين "أبادهم" و"الفناء".
    • الاستعارة: "آثارنا" ترمز للأعمال العظيمة والانتصارات.

البيت الخامس:

سل الرماح العوالي عن معالينا       واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

  • المعنى: تكرار للبيت الأول للتأكيد على أهمية الشهادة بالبطولات والأفعال الجليلة.
  • الصور البيانية: التكرار يؤكد على أهمية الموضوع ويعزز الرسالة الشعرية.

البيت السادس:

فأصبحت دولة الإسلام قائمة     بالدين، والخير يبقى في مواضينا

  • المعنى: بفضل الدين الإسلامي، أصبحت الدولة الإسلامية قائمة وثابتة، والخير يبقى دائمًا في أماكننا.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "دولة الإسلام قائمة" تعبير مجازي عن الاستقرار والقوة.
    • الجناس: بين "الدين" و"الخير" و"مواضينا" لزيادة الجمالية الصوتية.

البيت السابع:

والدهر لا شك يعطينا مواهبه          إذ قارن الفضل نصرٌ من أيادينا

  • المعنى: الزمن دائمًا ما يمنحنا الفرص والهدايا، خاصة عندما يترافق الفضل والنصر مع جهودنا.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "يعطينا مواهبه" تعبير مجازي عن منح الزمن الفرص والهدايا.
    • التشبيه: "الفضل نصرٌ من أيادينا" يعبر عن أن الفضل والنصر من صنع أيدينا.

البيت الثامن:

أسرنا الملك الجبار في يده             ونال قدماً غنائمها أعادينا

  • المعنى: نحن القوم الذين أسروا الملك الجبار، بينما استولى الأعداء سابقًا على غنائمهم.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "أسرنا الملك الجبار في يده" تعبير عن السيطرة التامة والقوة.
    • الجناس: بين "الجبار" و"غنائمها" و"أعادينا" لزيادة الجمالية الصوتية.

البيت التاسع:

إذا استقلّت جيوشٌ لا نرى معها         إلا الكتائب تهوي في أعادينا

  • المعنى: عندما تنطلق جيوشنا، لا نرى معها سوى الكتائب التي تسقط على أعدائنا.
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: "الكتائب تهوي" يشبه سقوط الكتائب بسرعة وقوة.
    • الاستعارة: "تهوي في أعادينا" تعبير عن الهجوم الشديد والفعال.

البيت العاشر:

ومن لنا من جموع كالجمان إذا      قد قمت غاراتها تغزو أعادينا

  • المعنى: من لنا بجموع تشبه اللآلئ في كثرتها وجمالها، تغزو الأعداء بالغارات؟
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: "جموع كالجمان" يشبه الجموع باللآلئ.
    • الاستعارة: "قمت غاراتها" تعبير عن شدة الهجوم.

البيت الحادي عشر:

وتحمل البيض والأردان تحملها        من العجائز تعلو كل صبيانا

 

  • المعنى: حتى العجائز يحملن السيوف (البيض) والدروع (الأردان) ويعلون على الشباب في القوة والشجاعة.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "تحمل البيض والأردان" تعبير عن القوة والشجاعة.
    • التشبيه: "تعلى كل صبيانا" يشبه العجائز بالشباب في القوة.

البيت الثاني عشر:

لبّى لها الجيش من غلب الرجال كما       لبّى الجمال من العيس الحوادينا

  • المعنى: الجيش يستجيب للنداء كما تستجيب الجمال للقيادة في القافلة.
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: "لبّى لها الجيش" يشبه استجابة الجيش باستجابة الجمال.
    • الاستعارة: "الحوادينا" كناية عن القادة في القافلة.

البيت الثالث عشر:

أجدى الرجال على الإسلام حين بدت         كتائب أسدها تحمي عرانينا

 

  • المعنى: الرجال أثبتوا فائدتهم للإسلام عندما ظهرت كتائبهم القوية التي تشبه الأسود، وهي تحمي العزة والكرامة.
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: "كتائب أسدها" يشبه الكتائب بالأسود.
    • الاستعارة: "تحمي عرانينا" تعبير عن حماية العزة والكرامة.

البيت الرابع عشر:

لا عيب فينا سوى أنّ السيوف بنا         خاضت دماهنّ في أعدائنا فينا

 

  • المعنى: العيب الوحيد فينا هو أن السيوف التي نحملها خاضت في دماء الأعداء بسببنا.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "خاضت دماهنّ" تعبير عن المعارك الشديدة.
    • الجناس: بين "أعدائنا" و"فينا" لزيادة الجمالية الصوتية.

البيت الخامس عشر:

وقد سقينا الحتوف الغر في عنق       من راح يجرى به بين البرى سينا

  • المعنى: نحن الذين سقينا الموت للأعداء بجلالتهم، ومن يتحرك بينهم يعتبرونه سيداً.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "سقينا الحتوف" تعبير عن إنزال الهزيمة بالأعداء.
    • الجناس: بين "الحتوف" و"سينا" لزيادة الجمالية الصوتية.

البيت السادس عشر:

قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة          يوما وإن حكموا كانوا موازينا

  • المعنى: نحن قوم عندما نخوض الخصومة نكون كالملوك الفراعنة في القوة، وعندما نحكم نكون كالموازين في العدل.
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: "كانوا فراعنة" يشبه القوم بالفراعنة في القوة.
    • الاستعارة: "كانوا موازينا" تعبير عن العدل والإنصاف.

البيت السابع عشر:

تدرعوا العقل جلبابا فإن حميت        نار الوغى كان إعقالا مصلينا

 

  • المعنى: نرتدي العقل كجلباب، وعندما تشتد المعركة يكون العقل درعنا الحامي.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "تدرعوا العقل جلبابا" تعبير عن تبني الحكمة

البيت الثامن عشر:

لا عيب فينا سوى أنّ السيوف بنا         خاضت دماهنّ في أعدائنا فينا

 

  • المعنى: العيب الوحيد فينا هو أن السيوف التي نحملها خاضت في دماء الأعداء بسببنا.
  • الصور البيانية:
    • الاستعارة: "خاضت دماهنّ" تعبير عن المعارك الشديدة وسفك الدماء.
    • الجناس: بين "أعدائنا" و"فينا" لزيادة الجمالية الصوتية.

البيت التاسع عشر:

وكم صحبت كريما ما بخلت له      لكنني كنت ممّا ينكر الدين

  • المعنى: لقد صحبت الكثير من الكرماء ولم أبخل عليهم بشيء، لكنني كنت أتصرف بما يتماشى مع الدين وينكره البخل.
  • الصور البيانية:
    • التشبيه: لا يوجد تشبيه مباشر، لكن الفكرة هنا هي مقارنة البخل بإنكار الدين.
    • الجناس: استخدام "صحبت" و"بخلت" لإظهار الفارق بين الكرم والبخل.

البيت العشرون:

سل الرماح العوالي عن معالينا        واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا

  • المعنى: تكرار للبيت الأول للتأكيد على أهمية الشهادة بالبطولات والأفعال الجليلة.
  • الصور البيانية: التكرار يؤكد على أهمية الموضوع ويعزز الرسالة الشعرية.

 

الخاتمة:

        تعتبر قصيدة "سل الرماح العوالي" لصفي الدين الحلي من الروائع الأدبية التي تعكس الروح الفروسية والكرم العربي الأصيل. من خلال أبياتها، نستطيع أن نلحظ قوة اللغة العربية وجمالها، وكذلك المهارات الشعرية الفذة التي كان يمتلكها الحلي. تميزت القصيدة باستخدامها الفريد للصور البيانية والتشبيهات والاستعارات، مما أعطى للشعر قوة تعبيرية كبيرة وجعله مؤثراً وملهمًا، في هذه القصيدة، يحتفي الحلي بالبطولات والملاحم التي خاضها قومه، ويعبر عن الفخر العميق بأفعالهم وإنجازاتهم. هذا الفخر ليس مجرد انعكاس للحالة الشخصية للشاعر، بل هو أيضًا تجسيد لقيم الشجاعة والإقدام التي كانت سائدة في ذلك العصر. يُظهر الحلي من خلال قصيدته كيف يمكن للشعر أن يكون وسيلة قوية للتعبير عن الهوية الثقافية والتاريخية، وأن يلعب دورًا هامًا في الحفاظ على التراث وإلهام الأجيال القادمة، كما أن القصيدة تقدم درسًا في الكرم والتضحية، حيث يشير الحلي إلى أن قومه لم يعرفوا سوى العطاء والجود، حتى في أشد المواقف صعوبة. هذا يعكس القيم الإنسانية الرفيعة التي كانت تحظى بتقدير كبير في المجتمعات العربية التقليدية. الحلي لم يكن فقط شاعراً يتغنى بالماضي، بل كان أيضاً ناقدًا وموجهًا، يحث قومه على التمسك بتلك القيم والمبادئ في مواجهة التحديات المعاصرة، من خلال تحليل الأبيات، نجد أن الحلي قد استخدم اللغة بشكل مبدع لتصوير المعارك والانتصارات والأحداث البطولية، مما يجعل القارئ يعيش تلك اللحظات بكل تفاصيلها. هذه القدرة على إحياء التاريخ من خلال الكلمات هي ما يميز شعر الحلي ويجعل قصائده تستمر في العيش في ذاكرة الأدب العربي، في الختام، تظل قصيدة "سل الرماح العوالي" علامة بارزة في الشعر العربي، تجسد قوة البيان وجمال اللغة العربية. من خلال الاحتفاء بالبطولات والتضحيات، تعكس القصيدة القيم السامية التي يشترك فيها جميع العرب، وتجسد الروح الفروسية التي كانت ولا تزال مصدر إلهام للأجيال. تُعتبر هذه القصيدة دعوة للتأمل في الماضي المجيد، والتعلم منه لتعزيز الحاضر والمستقبل.

المصادر:

1.  الشعر العربي في العصور الوسطى شوقي ضيف، دار الفكر العربي، القاهرة.

2.  تاريخ الأدب العربي كارل بروكلمان.

3.  ديوان صفي الدين الحلي.

4.  من نوابغ الفكر العربي: صفي الدين الحلي- محمود رزق سليم، ط٣، دار المعارف- القاهرة.

5.  الادب في العصر المملوكي: محمد زغلول سلام، ط. الهيئة العامة للكتاب.

6.  تاريخ الادب العربي: عمر فروخ- دار العلم للملايين – بيروت لبنان خزانة الادب.

7.  الاعلام: خير الدين الزركلي- دار العلم للملاين، ط١ سنة ١٤٠٧\ ١٩٨١م

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق