الشعر ديوان الإنسان..بقلم/ حمدي الروبي

الشعر ديوان العرب .. مقولة قديمة حالفها كثير من الصحة والواقعية والتسليم .. لكنها لا تتجاوز الشعر الشفاهي والذي تميزت به المجتمعات ذات الثقافات الشفاهية ، حيث كان الشعر لديهم مصدرا متفردا للمعلومات والأفكار والأحداث .. وسيظل الشعر واحة القلب والعقل والروح لكل إنسان سواء أكان مبدعا أم متلقيا ؛ من ثم أرى أن الشعر ديوان الإنسان _ على المستوى الشخصي _ يسجل فيه _ إن كان أديبا يمتلك أدوات التعبير _ أحلامه وأفكاره ومشاعره ، أو يقرأ فيه _ إن كان متلقيًا _ أحلامه وأفكاره ومشاعره.

وقولنا بأن الشعر هو ديوان الإنسان لا يشير فقط لكونه سجل للتجارب والأفكار والمشاعر والهواجس والتطلعات ، بل يعني أيضا أن الشعر فن يتجاوز حدود الزمان والمكان ليشكل ذاكرة البشرية ، ويثري تجليات الذات في عمق المسيرة الإنسانية.

والشعر زينة الألسن ، وعطر القلوب ، وأنيس الأرواح ، وضياء العقول ، وسيد الكلام. وعبر سنوات وأعوام موغلة في القدم كان الشاعر في مقدمة المؤثرين في المجتمع ولغته وثقافته ، وإن كنا نرى اليوم _ولأسباب وعوامل عديدة_ تراجعا لدور الشعر ، ونشهد انزواءً لمكانة الشعراء ، سيظل الشاعر سفير الكلمة والفكرة.

إن الشعر ليس مجرد كلمات منمقة أو نغمات متسقة أو عبارات موزونة ، لكن الشعر نبع روحي عميق ، يثري خيال الإنسان ، ويروي روحه ، ويرسم ما عجزت يداه عن رسمه من مشاعر وأحاسيس ، وتلك في زعمي أعظم رسالة للشعر ، وأرقى وظيفة للشاعر.

ولأن الشعر معبر _راق وجذاب_ عن الهوية والثقافة ؛ فهو فقط الذي يقدم ذاته إلى الجميع ، والشاعر يكتب   للجميع _قراء ومتذوقين ونقاد_ ثم بعد ذلك ينفعل كل إنسان بكلامه كيفما شاء وبما شاء.

تعليقات