.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

نجية الشياظمي تكتب: طالما على قيد الحياة فلا أوان فات

فات الأوان ، أو فات الميعاد كما غنت سيدة الطرب العربي أم كلثوم ، عبارة يرددها كل من أحس باليأس يتسرب إلى أعماقه كما يتسرب السم إلى كل خلية من خلايا جسمه ، حقا هو سم قاتل حتى و لو لم يتناوله الفرد عن طريق فيه ، لكنه سم يتسرب عن طريق السمع ليستقر في الوعي فيشله تماما .
فماذا ينتظر الانسان من نفسه حينما يتلفظ بهذه العبارات القاتلة ؟ لا شيء طبعا سوى الإحساس بالإحباط و الخيبة و الحزن . هكذا يستطيع أن يدمر نفسه دون أن يعي خطورة ما يفعله إلا حينما يحين حقا أوان وداعه و فراقه و هو على فراش الموت .
حينها فعلا يتأكد أن بإمكانه ترديد ما كان يردده سابقا و هو موقن فعلا بما يقوله . ربما هي حيلة دفاعية يمارسها الانسان مع نفسه كي يواسيها لكن ماذا لو حاولنا النهوض بثبات و شجاعة و ندعم أنفسنا بأنفسنا ، و في الحقيقة لن نجد من يدعمنا أكثر من أنفسنا مهما تفاءلنا و توسمنا خيرا في الآخرين ، فلا أحد يدوم لأحد ، كل سيمضي في طريقه بعدما يمنحك الجرعة التي كنت تنتظرها منه ، و التي في نظره أنت تستحقها ، إما وفاء منه ، أو ردا للجميل . هكذا نجد أنفسنا في أشد الحاجة إلى الوقوف ثانية على أقدام ثابتة ، و لا تتزحزح من مكانها ، بدعم من أنفسنا لأنفسنا كي نواصل كي نستمر في الحياة :في الإنجاز .
فكم من الأقوال السامة علينا أن نحذفها و نرميها و نلغيها من عقولنا التي تصدق كل ما تسمعه . كثيرا ما لا نعي خطورة ما نتداوله من كلام ، نعتبره عابرا سيمشي و يختفي ، لكن ترديدنا المستمر له ، يجعل عقولنا اللاواعية تبقى سجينة له و مؤمنة به بل و عاملة به ، فيسيطر عليها دون وعي منا و حينها نستطيع حقا أن نجزم ، أنه فات علينا الأوان الذي كان بإمكاننا فيه إنقاذ أنفسنا من كل تلك السموم التي نمتصها يوميا عبر ما نراه و نسمعه و نتداوله. 
فلا أوان فات ما دمنا على قيد الحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق