.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

نجية الشياظمي: لأجلي أنا لأجلك أنت لأجلنا نحن

سأسامح من كل قلبي بل إنني قد سامحت كل من حاول إيذائي عن غير قصد أو حتى عن قصد ، لم تعد لي رغبة في أن يشغل قلبي ما ليس له أهمية و ما لا يساهم في راحتي و سكينتي و رقيي و تقدمي ، مهما كان ضئيلا ، أود تطهير قلبي من كل الأدران ، من كل سواد يشوبه أو يؤثر عليه. 
و لأننا بشر نتأثر دائما بما يوجع قلوبنا و ما يجرحها مهما حاولنا تفادي ذلك ، و في أفضل الأحوال قد نفوض أمرنا لله و نسكت و نغلق كل أسباب التواصل مع من كان سببا في ألمنا . و قد تهيج مشاعرنا أحيانا فندعو بالشر ، و نهدد ونتوعد من أصبحوا في عداد ألد الأعداء لنا ، رغبة منا في الدفاع عن كرامتنا التي نرفض التنازل عنها دائما مهما حصل . ننسى أن طاقة الألم شلال و طوفان من السلبية و الشر ما يلبث أن يأخذ معه و يجرف كل من يساهم فيه ، و من يؤذي لا بد و أن يأتي عليه يوم فيأخذ نصيبه من الألم من نفس النوع و بنفس القوة ، فلماذا نفعل هذا ببعضنا ، و لماذا نفكر في رد الإساءة بالإساءة ، و الشر بالشر . ما الهدف و ما النتيجة التي نسعى إليها .  قطعا لأننا لا نعلم مدى خطورة الأمر فإننا نتصرف بسذاجة و ربما بغباء .
تربطنا جميعا جذور قوية شئنا أم أبينا ، رأيناها رأي العين أو لم ننظرها فهي موجودة لا محالة ، جذور تجعلنا متواصلين بكل الخير أو الشر الذي نتبادله فيما بيننا ، نعلم هذا جيدا و نحس به رغم إنكارنا له . من يؤلم غيره هو أول من يتألم في أعماقه  مهما حاول تجاهل الحقيقة و طمسها ، لكن نرجسية الانسان حينما تطغى تعمي البصر و البصيرة ، فيصبح الانسان بعينين لكنه لا يرى الحقيقة  و لا يتوصل إليها ، لأنه يرفضها كونها مُرة و صادمة ، لا يود أن يرى أو يسمع إلا ما تعود عليه و تم اقتناعه به حتى و لو كان ذلك خطأ و غير معقول ، فالتعود قوة داخلية تتحكم في جل قراراتنا و تجعلنا منقادين لكل عادي لا يمت للتجديد بصلة ، فهذا ما يشعرنا بالأمان و الراحة و هذا ما يروق لنا و يعجبنا  و لا شيء سواه . 
و بما أن نفس الانسان أكبر عدو له ، و كلما تغلبت عليه كلما تمكنت من السيطرة عليه و من دفعه إلى الهلاك ،  دون أن يلقي لذلك بالا إلا بعد فوات الأوان . لذلك ما أصعب أن يحس أحدنا أنه سبب ألم الآخر ، و سبب معاناته و مأساته ، لسبب بسيط و هو أنه لا يستطيع فصل نفسه عن المشاعر و الأحاسيس و الوعي الذي يوحدنا جميعا ، كجزَيئات من هذا الكون الفسيح ،فنحن نتقاسم نفس المتعة و نفس المعاناة ، نفس الفرح و نفس الحزن ،  نشترك في نفس الراحة و نفس التعب لأننا واحد مهما اختلفنا و مهما اختلفت الواننا ، أو أجناسنا ، أو ألسنتنا . نشكل نفس القوة و نفس الثروة لهذا العالم الجميل الذي وهبنا الخالق متعة العيش فيه معا . و التسامح لا زيدنا إلا قوة و سلاما و ارتباطا ببعضنا ، لنسامح و نتسامح و نرتقي للأفضل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق