نتحدث اليوم عن مرض مزمن لعين مرهق للمريض ومن حوله.. فهو يعد احد الانواع الفرعية النادرة من مرض الفصام وهو اضطراب نفسي يؤثر على طريقة تفكير الشخص وسلوكه وتعبيره عن مشاعره ويتميز هذا النوع بحالة من الجمود الحركي او النشاط الزائد غير الموجه كما يعاني المريض من صعوبات شديدة في التواصل مع الآخرين وعدم الاستجابة للمؤثرات الخارجية
يظهر الفصام الكاتاتوني في صورة مجموعة من الاعراض التي تشمل السكون التام او النشاط الحركي المفرط دون هدف واضح وقد يبقى المريض في وضعية واحدة لفترة طويلة جدا دون ان يتحرك وقد يرفض التحدث او الاستجابة لاي نوع من التواصل حتى لو كان بسيطا من الاعراض الشائعة ايضا ما يسمى بالتكرار اللفظي او التكرار الحركي حيث يكرر المريض كلمات او حركات شخص آخر بشكل آلي دون وعي كما قد يظهر عليه سلوكيات غريبة مثل الوقوف في وضعيات غير طبيعية او مقاومة التوجيهات البسيطة او حتى السلبية التامة الفصام الكاتاتوني ليس دائما مرتبطا بالفصام فقط بل قد يظهر ايضا في اضطرابات نفسية اخرى مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطب او الاكتئاب الشديد كما يمكن ان ينتج عن بعض الحالات العصبية او الامراض العضوية مثل اورام المخ او التهابات الدماغ يعود ظهور هذا النوع من الفصام الى اسباب غير واضحة تماما لكن يعتقد الباحثون ان هناك مجموعة من العوامل التي تسهم في حدوثه منها العوامل الوراثية والتغيرات الكيميائية في الدماغ مثل اضطراب مستوى الدوبامين وبعض النواقل العصبية الاخرى من المعروف ان الفصام الكاتاتوني كان يصنف في الماضي كنوع مستقل من الفصام لكن وفقا للتصنيف الحديث للامراض النفسية اصبح يعتبر عرضا من اعراض الفصام او الاضطرابات النفسية الاخرى يبدأ المرض غالبا في مرحلة المراهقة او بداية سن البلوغ وقد تتطور الاعراض تدريجيا او تظهر بشكل مفاجئ وفي بعض الحالات قد يكون ظهور الاعراض مرتبطا بحدث ضاغط نفسي قوي او صدمة معينة تشخيص الفصام الكاتاتوني يعتمد على الملاحظة السريرية الدقيقة للسلوكيات والاعراض ويجب استبعاد اي اسباب عضوية مثل امراض الدماغ او تأثير المخدرات ويتم التشخيص عادة بواسطة طبيب نفسي متخصص العلاج يشمل مزيجا من العلاجات الدوائية والعلاج النفسي وفي الحالات الشديدة قد يتم اللجوء الى العلاج بالصدمات الكهربائية وهو علاج فعال جدا في بعض حالات الجمود الكاتاتوني تستخدم مضادات الذهان بشكل اساسي لعلاج الاعراض الذهانية المصاحبة كما يمكن استخدام المهدئات في بعض الحالات لتقليل التوتر الحركي او التهيج اما في الحالات التي تكون فيها الاعراض شديدة جدا ولا تستجيب للعلاج الدوائي يتم اللجوء للعلاج بالصدمات الكهربائية يحتاج المريض ايضا الى دعم نفسي واجتماعي مستمر حيث ان العزلة الاجتماعية ونقص الدعم يمكن ان يزيدا من سوء الاعراض كما ان المراقبة المستمرة لحالة المريض تساعد في التدخل المبكر عند حدوث الانتكاسات تلعب الاسرة دورا كبيرا في تحسين حالة المريض من خلال توفير بيئة آمنة ومستقرة وداعمة كما ان التثقيف حول المرض يساعد الاسرة على التعامل بشكل افضل مع المريض وتقديم الدعم المطلوب من المهم ايضا الاهتمام بالجوانب المعيشية الاخرى مثل التغذية الجيدة والنوم المنتظم والنظافة الشخصية حيث ان هذه الجوانب غالبا ما يتم اهمالها من قبل المريض يجب ان لا ننسى ان الفصام الكاتاتوني يمكن ان يكون منهكا جدا للمريض ولمن حوله ولذلك فان فهم طبيعة المرض والتعامل معه بطريقة علمية وصبورة يمكن ان يساعد كثيرا في تخفيف المعاناة وتحسين جودة الحياة رغم ان الفصام الكاتاتوني حالة نادرة نسبيا الا انه يتطلب اهتماما خاصا نظرا لشدة الاعراض وتاثيرها الكبير على حياة الفرد لذلك فان التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن ان يغيرا مسار المرض بشكل كبير العديد من الحالات تستجيب جيدا للعلاج ويمكن ان تعود الى ممارسة حياتها الطبيعية اذا تم الالتزام بالخطة العلاجية ومتابعة الحالة بشكل منتظم لا يزال هناك الكثير من الابحاث التي تجرى لفهم الاسباب الدقيقة لهذا النوع من الفصام وتطوير طرق علاجية جديدة وفعالة كلما زاد الوعي المجتمعي حول هذا النوع من الاضطرابات كلما قلت وصمة العار المرتبطة بها وزادت فرص الشفاء والدعم للمصابين إذن علينا ان نتذكر ان مريض الفصام الكاتاتوني ليس شخصا غريبا بل هو انسان يعاني من مرض نفسي ويحتاج الى الدعم والرعاية والفهم بدلا من الخوف او الرفض.